لا يختلف اثنان بأنها عشرية سوداء حالكة بكل ما تحمله الكلمة من
معنى، ذاق الناس فيها الرعب حتى تكاد تجزم أنها مست جميع شرائح المجتمع و لم ينج منها إلا من رضي الله عنه
عشر سنين من اللاأمن ترى الحليم فيها حيران لياليها حبلى بكل ما
لا يسر، فإذا انبلج الصباح فلا حديث للنا س إلا عن جثة بلا رأس أو اختطاف أو
اغتصاب و هكذا... و صل الأمر إلى أن الإنسان كان إذا خرج من بيته لا يعرف إذا كان
يعود أو لا، و لقد قال لي أهلي يوما و كنت أعمل ليلا في إحدى المؤسسات يجب أن تبقى
معنا فقلت لهم قتيل زيادة، لم يعد هناك فرق البيت و الشارع و الليل و النهار...
المهم الحمد لله الذي كشف عنا الغمة و ذهبت تلك المحنة بقضها و
قضيضها، و بالرغم من أن الكثير من الصور مازالت عالقة بالذاكرة إلا أن نعمة الأمن
من أكبر النعم التي امتن الله سبحانه و تعالى بها علينا.
قيِل لأحد الحكماء: أين تجدُ السُّرور؟ قال: في الأمن؛
فإنِّي وجدت الخائف لا عَيْشَ له.
و على الرغم مما حملته تلك العشريه في
طياتها من سلبيات إلا أنه ـ و من باب إنصاف التاريخ لتلك الفترة ـ هناك إيجابية لا
يستطيع أحد أن ينكرها و هي أن الناس عادوا إلى دين الله أفواجا، فبعدما كانت
المساجد لا يعمرها إلا كبار السن أصبحت مملوءة بالشباب، و اندحرت بل ماتت الكثير
من البدع التي كانت تمارسها طوائف من الناس باسم الدين و التي ذكرت جانبا منها في
المشاركة السابقة، كانت صحوة دينية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، و تزامنت تلك
الصحوة مع انفتاح القنوات الفضائية فكان الخير خيرات، و أطلقت الناس لحاها و ظهر
الحجاب بشكل كبير جدا، و الكثير من المظاهر الإسلامية كنا لا نعرفها إلا من الحجاج
إذا رجعوا من السعودية مثل القبض في الصلاة كنا إذا رأيت رجلا يضع يديه على صدره
في الصلاة فاعلم أنه (براني).
الحمد لله على نعمة الأمن، و نسألك
اللهم أن تحفظها من الزوال، آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق