الخميس، 26 سبتمبر 2013

الأمن وسيلة و ليس غاية


يجب أن لا نفهم أن الأمن الذي يتغنى به أنصار العهدات المغتصبة ظلما و زورا بتحقيقه للشعب هو غاية الغايات، خاصة مع هذا السير السريع جدا إلى الخلف، يجب أن نفهم أن الأمن وسيلة ننطلق بتحقيقها في الجو و البر و البحر، نبني ما يجب بناؤه، و نكتشف ما خفي علينا أسراره، و نغوص إلى أعمق الأعماق، و نطير إلى أطراف الفضاء، لنحقق زيادة على الأمن من الخوف الذي يذبحوننا به كلما شكونا التخلف، الأمن من الجوع الذي لا تتم معادلة الأمن الحقيقي إلا به.
        فإذا زاد الأمن عن حده في جانب الخوف من المعادلة بالتركيز عليه فقط و إهمال الأمن من الجوع الذي يعتبر الغاية التي يسعى إليها كل من يريد الخير و الكرامة لبلده و شعبه، فهذا الأمن هو من النوع الذي تبحث عنه المرأة البائرة في كنف رجل و لا تطلب منه إلا الحد الأدنى من كل شيء، و نحن لسنا كذلك بكل المقاييس، لا من ناحية الإمكانيات المادية التي جعلت حكماء العصر يصفون فقرنا على أنه يمشي على أرض من ذهب فرضته علينا ثلة من الإنتهازيين مرة تحت مسمى الشرعية ـ الغير شرعية ـ و مرة بتوفير الأمن مقابل السكوت على الجوع، و مرات أخرى بلا سبب و لا مسمى...، و لا من الناحية العلمية التي تشهد الإحصائيات بالأرقام الرسمية عن هجرة الأدمغة و الكفاءات إلى الدول التي لا يظلم عندها أحد، فلما تبوأت هذه الأدمغة المناصب التي تليق بها، قدمت الأفكار و المشاريع في كل الميادين، و سعد بهم من قدرهم حق قدرهم، في حين كان يمكن للمعادلة أن تكتمل عندنا بتحقيق الأمن من الجوع مع الأمن من الخوف لو قدرنا أصحاب الأفكار و المشاريع.
        نقول لمن يسمعنا: الشعب يريد خبزه من فأسه، الشعب يريد أن تستثمر أموال البترول في تطبيق برامج ناجحة تحقق بها الإستقلال الحقيقي في كل الميادين حتى في الكلام، نريد للعربية أن تكون رمز من رموز الدولة يعاقب كل من يستعمل غيرها، خاصة في المحافل الرسمية مهما كان منصبه.
        بالمختصر المفيد الشعب يريد من هذا الجيل الذي أخذ فرصته كاملة غير منقوصة أن ينسحب طواعية من الميدان قبل أن تسحب من بين يديه و من تحته عجلة القيادة كرها، فيبوء بإثم سوء القيادة و كذلك إثم الخروج من الباب الضيق، فلا يذكره التاريخ إلا كفهرس لا تفاصيل فيه.
و تلك لعمري هي مزبلة التاريخ التي يحذر منها العارفون بخبايا الزمن، و ما مقدمة ابن خلدون ببعيد لمن أراد العبر، و آخر دعوانا أن لعنة الله على الظالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق