الاثنين، 15 يوليو 2013

رمصان و الناس

شهر رمضان مثله مثل باقي العبادات لم يبق منه إلا الإسم، أما الأسرار و الأنوار و المعاني فمفقودة تماما.. قال لي رجل في السوق و هو يشتري بعض الخضار: لماذا ترتفع الأسعار في رمضان؟ و قد غاب عنه أنه هو السبب.
 فقلت له فيما معناه: السبب في غلاء الأسعار هو أنت، لأنك عوض أن تفتح المصحف و تفرش السجادة لتغتنم هذه الفرصة في طلب التقرب إلى الله، فتحت الثلاجة و بطنك لتملأهما بكل ما تجده في السوق، فلما يرى التجار أن كل الذي يجلبونه يباع فإن الأسعار تشتعل، و حتى الدولة فإنها حريصة على تلبية كل ما يطلبه (الصائم) و بما أن اقتصادنا يعتمد كليا على الخارج فمثلما تزدحم أسواق الأكل عندنا في هذا الشهر بالزبائن الذين يشترون كل شيء، كذلك تزدحم الأسواق العالمية بالقائمين على التوازن الغذائي لإستيراد كل شيء، و تزدحم الموانئ بالبواخر المحملة بكل شيء، فقط لكي لا تثور أنت من أجل بطنك، هذا في السوق..
ماذا عن المسجد الذي من المفروض أن يجد الصائم فيه ما يرفع معنوياته و يشحن إيمانه و يساعده على التقرب إلى ربه، فرمضان شهر القرآن، و هذه التراويح التي أقل ما يجب أن تقوم به هو أن يسمع الناس كل القرآن على الأقل مرة في السنة، أرى ـ و الله أعلم ـ أن القائمين عليها أفرغوها تماما من محتواها الروحي و أصبحت محل منافسة مادية بين القراء و مَن وراءهم، لا يحترمون فيها ـ و خاصة عندنا ـ أدنى أحكام التلاوة، بل يسرعون بحيث لا يفهم المصلي إلا قليلا مما يقولون، فالسرعة المخلة في القراءة مخالف لقوله سبحانه: "و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث" وكذلك الصلاة السريعة مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه و سلم لما قال لبلال: "أرحنا بها"، و قول عمر رضي الله عنه: "شر القراءة الهذرمة" أي هذه القراءة التي نسمعها اليوم في مساجدنا.
اجتمعت على الناس كل الأسباب التي قلبت المفاهيم الدينية رأسا على عقب، فالصلاة بعدما كانت "أرحنا بها" أصبحت أرحنا منها، و رمضان بعدما كان "لعلكم تتقون" أصبح للكسل و النوم و في أحسن الأحوال للتجارة نهارا و السهر فيما لا يرضي الله ليلا و الزكاة مُنعت و إذا أخرجت فالأغلب لمن لا يستحقونها، و الحج و العمرة للتباهي إلا من رحم ربي، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (تخطي راسي)، و هكذا انتقضت عرى الإسلام عروة عروة، نسأل الله سبحانه و تعالى أن يتداركنا برحمته و يردنا إلى الإسلام ردا جميلا و تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام آمين.

الأربعاء، 10 يوليو 2013

و تستمر الحياة.


يجب أن يزيد من مساندتنا للإخوان ما يحدث لهم في مصر و العالم، و ذلك لأنه ما جاء أحد بمثل ما جاءوا به إلا و حدث له مثل الذي حدث لهم، و هذه سنة الله في خلقه، أنطق الله بها ورقة بن نوفل لما قال للنبي صلى الله عليه و سلم: "لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي"
أكبر جريمة يمكن أن يُتهم بها الإخوان هي أنهم مسلمون ـ و كفى بها تهمة عند العلمانيين ـ، ربما تبدو هذه التهمة مشوشة نوعا ما، لأن المسلمين اليوم كثر و لم يحدث لهم مثل الذي حدث للإخوان... وذلك لأنهم لا يحملون من الإسلام إلا الإسم، و فهموا بجهلهم من جهة و بما يلقنه لهم المغرضون من جهة أخرى، أن العلمانية و أبشع منها الليبيرالية و من قبل هاته و تلك كل الإستعمارات و احتلال الدول الإسلامية، كل هذا كان يحمل في ظاهره مصلحتنا.
و لقد صدقوا و هم كاذبون.
لأن الإسلام ليس مادة توضع في الدستور فقط، و صلوات تُؤدى في المساجد فقط، و بعض الأحكام الإجتماعية التي لا حرج في تطبيقها على أحد... هذا هو الإسلام الذي إن تنازلت العلمانية في قبوله و التعايش معه، فعلى مضض، أما مشروع إسلامي و حلال و حرام و لا يجوز و رئيس دولة يصلي الفجر في المسجد فـ "أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون".
صدقوا و هم كاذبون لأن الإسلام مشروع متكامل، و لا يقبل أن نأخذ منه بعض الأحكام و نترك أخرى إرضاءا لنزوات بعض الزمنى الذين وصلوا إلى مفاصل الحكم بكل الطرق المشبوهة، لأن الإسلام إذا تعطل بعضه من أهله بأي حجة فإن مصيره الفشل، و أقل ما يمكن أن يقوله عاقل عن سبب (فشل) تجربة الإخوان هو تسامحهم المبالغ فيه مع أعتى وسيلة تستطيع أن تغير موازين القوى مع أو ضد من أرادت، ألا و هي الإعلام، و من الإسلام التعامل مع هذه الوسيلة ـ كغيرها من الوسائل ـ بالحزم الذي تمليه مصلحة استمرارية مشروع بناء الدولة الإسلامية و من وراءه الأمة الإسلامية. هناك أسباب أخرى نسأل الله أن يكون قد أحاط الإخوان بها علما، و يبقى أن هذا مجرد درس من دروس الحياة يجب ألا نفهم أنه نهاية العالم بل تجربة مفيدة جدا للأجيال يعرفون منها أنهم مجرمون فقط لأنهم مسلمون.
و تستمر الحياة.

الاثنين، 8 يوليو 2013

الوجه الآخر للعلمانية

        

         لما قرر العلمانيون تطبيق مبادئهم على العالم لم ينسوا أن يأخذوا كل الإحتياطات المحتملة حتى لا يكون مكان للمفاجأة، و بما أن الغاية تبرر الوسيلة مبدأ أساسي عندهم فما أسهل أن تجد بدل الحل ألف، و كل الطرق تؤدي إلى ما يريدون، المسألة عندهم باختصار هي فن الممكن، خاصة إذا تعلق الأمر بمواجهة الإسلام و مبادئه وأهله ـ بالرغم من أننا لسنا مسلمين حقيقيون ـ، فهنا يضع العلمانيون كل خلافاتهم جانبا و يتّحدون كمثل الجسد الواحد و لا يقبلون بالتراجع شبرا فما دون عما اكتسبوه طيلة مسيرتهم التي لا تضع مكانا لغير المصالح الدنيوية و لا يقبلون إلا ما تمليه عليه عقولهم بعيدا جدا عن كل ما له علاقة بالدين، كذلك هذه الديمقراطية المحمولة على ركائز علمانية خفية في ظل هيمنة غربية أوروبية لا تؤمن إطلاقا بالمخالف لها و لا ترى إلا نفسها أهلا لإدارة شؤون البشرية بل الكون.
        و سيبقى الصراع ما بقي الليل و النهار، و لكل من الفريقين مبادئه، و على قدر تمسك هذا الفريق أو ذاك بما يؤمن به تكون له الهيمنة و العلو على غيره، يقول الله سبحانه و تعالى في سورة آل عمران مخاطبا المسلمين: "و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" ههنا شرط وضعه الله سبحانه و تعالى للعلو على الغير و هو الإيمان، و الإيمان يُعرفه النبي صلى الله عليه و سلم بـ: "ما وقر في القلب و صدقه العمل" و العمل لا يكون مقبولا إلا إذا توفر فيه شرطان:
·       أن يكون خالصا لله
·       أن يكون كما أمر الله
ما أوضح الطريق لمن أخلص الطلب.

الجمعة، 5 يوليو 2013

رجل رشيد


موقف رجولي مهرب من زمن لا يعرف أهله معنى الرجولة إلا في أساطير الأولين، يسجله التاريخ على الذين جعلوا من أنفسهم أوصياء على حاضر و مستقبل الأمة إلى الأبد، هؤلاء الذين انتقلوا إلى الرئيس السابق اليامين زروال للإعتصام أمام بيته حتى يقبل بالرجوع إلى رئاسة الجمهورية بعدما غادرها طواعية، أقرأ في الصحف هذا الصباح أنه قال لهم اذهبوا إلى غيري فالبلد مملوءة بالكفاءات و عندها برامج و مشاريع تستطيع تسيير البلاد أحسن بكثير من هؤلاء الذين "طاب جنانهم" و ما زالوا متشبثين بالحكم فقط من أجل المصالح الفئوية الضيقة و لامتيازات باسم شرعيات ما أنزل الله بها من سلطان، و التي سيحاسبون عليها أمام الله ثم بعد ذلك أمام التاريخ، فلا يجدون يومئذ من يعطيهم شيئا إلا ما قدمته أيديهم الوسخة من مصادرة حق الأمة في اختيار ممثليها.
           تحية لرجل عرف قدر نفسه فصانها و سجل بصدقه مع هؤلاء الباحثين عمن يضمن لهم امتيازاتهم على حساب القطيع.
      مرة أخرى أقول: موقف مهرب من هذا الزمن الذي لا يعرف أهله معنى الرجولة إلا في أساطير الأولين.