حب الوطن جبلّة فطر الله سبحانه و تعالى عليها النفس
البشرية، بل لا
يكاد يخلو مخلوق من مخلوقات
الله من هذه الغريزة التي تعبر عن الوفاء للأرض التي تصبح جزءا
من كل المراحل التي يمر بها و عليها نمو الإنسان، و خير من أحب وطنه و
علمنا كيف نحب الوطن هو رسول الله صلى الله عليه و سلم، فلما خرج من مكة
بعدما آذته قريش وقف كأنه يكلم من يعقل الكلام و قال كأنه يعتذر لوطنه: "لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت"
حب
النبي صلى الله عليه وسلم لوطنه
كان له أثر على البشر و الحجر و الحيوان، و إخراج أهله له
منه لم يكن ليثبطه عن أداء الرسالة التي كلفه الله بتبليغها لأهله و من
خلال أهله.. العالم، و ليس مثلما يحدث اليوم مع ما يسمى بالعقول
المهاجرة التي ما إن تجد من يحتضنها خارج الوطن حتى تنسى نفسها و تذوب في وطن آخر و تنسى المعنى الحقيقي لحب الوطن، و هو
العمل مثلما عمل
النبي صلى الله عليه و آله و
سلم مع وطنه، حيث بقي على وفاءه لتحقيق أهدافه التي سطرها
بأمر ربه، و منها إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ثم نشر هذا النور
للعالمين.
بلاَدي و إن جارت علَي عزيزة
و أهلي و إِن ضنوا علَي كرام
حب
الوطن ليس عَلما نضعه فوق البيت
ثم ننطلق في هدم الوطن بالجهل حب الوطن
ليس شعارات نرفعها و كلام نتفنن
في تنميقه على المنابر و في المحافل، بل هو أكبر بكثير مما
هو عليه حال الأمة في هذا الزمن الذي مُيِّع فيه حب الوطن، فبعدما كان
الأجداد يعبرون عن حبهم للوطن بالعلم و السهر و العمل الكثير و حراسة القيم و الخلاق و لا ينامون و الوطن في حاجة إلى
يقضتهم، أصبح الناس
اليوم يطلبون الجهل، و يزعمون
أن حب الوطن في الرقص و كرة القدم
و هم لا يحسنون لا هذه و لا
تلك، لقد أخطؤوا الطريق إلى حب الوطن.