الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

القرآن

           "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا"
قرأت بعض التفاسير لهذه الآية من كتاب الله لعلي أجد بعض ما ذهب إليه تفكيري في تفسيرها، فوجدت أن التفاسير قد أجمعت على أمرين ـ أو هكذا فهمت أنا ـ:
الأول: على أن القرآن العظيم معجز بنفسه، يعني لا أحد من الجن و الإنس يستطيع بنفس الحروف أن يأتي بهذا التعبير الراقي البديع
.
الثاني: على أن الله سبحانه و تعالى لما صرفهم عن الإتيان بمثله مع توفر الدواعي و لم يجرأ أحد أن يفعل فهذا هو الإعجاز.
أما على التفسير الأول ففي القرآن شواهد على أن الكفار كانوا يرون من أنفسهم أنهم قادرون على أن يأتوا بمثله، مثل قوله سبحانه و تعالى عنهم: "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا" قيل في هذه الآية أنها نزلت في النضر بن الحارث لعنه الله فإنه كان قد ذهب إلى بلاد فارس، وتعلم من أخبار ملوكهم رُسْتم واسفنديار، ولما قدم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه الله، وهو يتلو على الناس القرآن، فكان إذا قام صلى الله عليه وسلم من مجلس، جلس فيه النضر فيحدثهم من أخبار أولئك، ثم يقول: بالله أيهما أحسن قصصا؟ أنا أو محمد؟
المهم هذا واحد قد فعل يعني حاول
و كثير بعده ممن ادعوا النبوة حاولوا، و أسماءهم و محاولاتهم مدونة في بطون الكتب، من مسيلمة و الأسود العنسي و حتى المتنبي الشاعر الحكيم المعروف، سمي بذلك قيل لأنه ادعى النبوة و للرافعي في كتابه الإعجاز في القرآن كلام مفصل عنه لمن أراد المزيد الرجوع إليه.  
و هذا الذي ذكرته في الأسطر القليلة السابقة ينسحب أيضا على التفسير الثاني.
القرآن كلام الله المعجز أنزله الله سبحانه و تعالى لعباده ليتعبدوه به تلاوة و تدبرا و فهما و استنباطا، و الناس في فهمه درجات.
ففيه آيات فسرها رسول الله صلى الله عليه و سلم يعني أن تفسيرها توقيفي و لا يجوز لأحد يقول فيها تفسيرا آخر مهما بلغ علمه.
كذلك ما أجمع عليه العلماء من الآيات، فلا يجوز لأحد الخروج على إجماعهم لأن الله سبحانه و تعالى عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة.
و أما نوع آخر من الآيات فهي حمالة أوجه كما قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي الله عنه، حتى أن بعض الآيات لها تفاسير حسب الأماكن و العصور.
و هذه الآية مثلما فهم الكثير من العلماء ما فهموه منها، فهم النضر بن الحارث لعنه الله فهمه الذي كان يحدث به الناس من أخبار رستم و اسفنديار، فهذا فهم مختلف تماما عما ذهب إليه العلماء، لا أعرف لماذا انحصر تفسير الآية على التحدي بالإعجاز اللفظي فقط، و الذي أردت أن أقوله هو أن الله سبحانه و تعالى لما تحدى الإنس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن يمكن أن يكون معناه أنه لا يمكن الإتيان بمثل هذا القرآن إلا من إله يستطيع ان يبدع كونا آخر غير الذي نحن فيه، ويجعل فيه حياة و خلق مثل عاد و ثمود و أصحاب الكهف، المهم هذا الإله هو أعلم بكونه وما يضع فيه، ثم إذا جاء بعد ذلك بكتاب مثل القرآن، هنا فقط نقول أن القرآن قد جيء بمثله، و هذا مستحيل لآن الله سبحانه و تعالى يقول: "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأي آلاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران" الشاهد من هذين الآيتين هو "فلا تنتصران" يعني مستحيل أن تخرجوا من الكون الذي خلقه الله، فمن أين لكم أن تصنعوا كونا آخر خارج الكون الذي نحن فيه و تجعلون فيه حياة و عاد و ثمود و أخبار عن الماضي البعيد و أخبار عن الحاضر و المستقبل إلى نهاية العالم، ثم تأتون بعد ذلك بمثل القرآن، أو حتى بآية .
اللهم إن أصبت فيما ذهبت فمنك وحدك لا شريك لك
و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان، و أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم و الحمد لله رب العالمين. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق