الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

"فسيكفيكهم الله"


كلما أردت أن أكتب شيئا في هذا الموضوع يضيق صدري و لا ينطلق لساني و أحس أني مهما قلت أكيد أنه لا يفي و لا يكفي أمام أن يتكفل الله سبحانه و تعالى بالدفاع عن نبيه حتى قبل أن يفكر أفجر فاجر فيهم في النيل من أطهر ما خلق الله من البشر صلى الله عليه و سلم، يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه
العزيز: "فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم"، استعمل الله سبحانه و تعالى حرف السين في "فسيكفيكهم " التي تفيد المستقبل، يعني أن الله يعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم سيتعرض لمثل هذه الإساءات في المستقبل "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" بل و يقول في آية أخرى "إنا كفيناك المستهزئين" بصيغة الماضي، يعني أن الأمر محسوم سلفا سواء عليهم أاستهزؤوا أم لم يستهزئوا فلا يضر السحاب نباح الكلاب.
و أنا و إن كنت أرى أبعادا أخرى لمثل هكذا مسألة، إلا أن الواقع يفرض نفسه، و هذا الفهم السطحي للمشكلة و خروج الناس إلى الشارع دفاعا عن محمد صلى الله عليه وسلم بغير أخلاق محمد يجعلني في تناقض مع نفسي أنظر إلى رد الفعل الغوغائي هذا الذي تبناه الشارع المسلم من زاويتين:
الأولى: هي أني كنت أتمنى أن لا يرد أحد على هكذا إساءة، خاصة و أن الدرس الذي أخذناه من الفتاوى التي أباحت دم الفاجر سليمان رشدي ليس ببعيد، فبعدما كان هذا الزنديق مغمورا و لا يعرفه أحد، و كتابه الذي كتبه أسلوبه ركيك جدا، أصبح من أشهر الكتاب في العالم، و تهافتت على تسجيل لقاءات معه كبرى الصحف و التلفزيونات في العالم، و كتابه الركيك سجل مبيعات خيالية، بسبب ردود الفعل الإسلامية الغير مدروسة العواقب، بل كبدت كثير من الدول المحسوبة على الإسلام خسائر مادية بالملايير فضلا عن الخسائر المعنوية، كذلك هذه المرة لما قتل السفير الأمريكي في ليبيا، مباشرة اتجهت البوارج الحربية الأمريكية إلى السواحل الليبية و أصبح المارينز في طرابلس بحجة أن ليبيا غير قادة على حماية السفارات، ووراء الأكمة ما وراءها، أقصد وراء الأكمة بترول ليبيا، و لن تخرج أمريكا من ليبيا حتى تعرف كم لتر من البترول يوجد و تربط ما استطاعت منه بالشبكة الأنبوبية التي أنهت مهمتها في العراق، ليصب هذا و ذاك في اسرائيل، و اسرائيل و أمريكا وجهان لعملة واحدة، و هل يوجد شيء إسمه إسرائيل لولا أمريكا.
ماذا جنينا من هذه المظاهرات إلا الخراب، فلا انتقمنا لنبينا حق انتقامه، بل خربنا بيوتنا بأيدينا باستقدامهم إلى أراضينا.
الثانية: هي أن الرد بهذه الطريقة فيه من الإجابيات، و إن كانت لا تقارن بالسلبيات إلا أن هؤلاء المسيئين سيعرفون أنهم يتعاملون مع أناس مع ضعفهم و بعدهم عن دينهم، فإنهم يقتلون و يموتون دفاعا عن نبيهم و لا يبالون، و لا ينتظرون لا أمر حاكم و لا فتوى عالم بل بالفطرة وحدها، تحركهم عواطفهم و يعبرون بما وصلت إليه أيديهم عما في أنفسهم من حب عميق لدينهم و لنبيهم صلى الله عليه و سلم، و لكم كنت أتمنى لو كانت مثل هذه المظاهرات خرجت من أجل فلسطين المسلوبة، كل فلسطين، ليس هناك شيء اسمه إسرائيل، فتل أبيب أرض عربية و يافا و حيفا و عسقلان
أو يقال مثلا أن الجماهير الإسلامية خرجت من أجل سورية التي أثخن في شعبها السفاح بشار و العالم ينتظر حل الأزمة بالمفاوضات، و نفس الطريقة التي يتبعها الصهاينة مع الفلسطينيين، القتل بكل الوسائل شغال و المفاوضات أيضا على قدم و ساق، و إلى أن يصلوا إلى حل يكون الشعب السوري قد ألف التشرد و نسي معنى الأمن و الوطن، و أما الجراح فلا تسأل عن متى تندمل ؟
المهم أن الحالة التي نحن عليها اليوم ليست أبدا وليدة الصدفة، بل لها قائمون عليها لا ينامون، يخططون إلى بعيد جدا، و لذلك هم يعرفون ماذا يريدون و متى يتحركون و كيف؟ و ما هي النتائج بل و ما هي الفوائد ؟... فإبعاد المسلمين عن الإسلام شغلهم الشاغل، و لأنهم لا يستطيعون ذلك، عمدوا إلى إفراغ المعنى من محتواه، يعني مسلمين بلا إسلام.
و لقد نجحوا إلى حد بعيد
يجب أن نفهم هكذا
فبعد أن كانت لا إله إلا الله تجمع كل المسلمين، أصبح لكل أمة وطن له حدود، و أصبحنا نتكلم بإسم القومية العربية  
و بهذا فأعداؤنا اليوم إذا أرادوا بترول ليبيا فلا أسهل من أن يضحوا بسفيرهم بل بأبيه و أمه إذا تطلب الأمر و لا أحد من الدول العربية يملك إلا التنديد و الشجب إن سمح له بذلك، و لما أرادوا نفط الخليج تذرعوا بأسلحة الدمار الشامل التي يملكها العراق، و ما تركوا العراق إلا و عروق شعبه تنزف دما و أنابيب نفطه تسيل ذهبا أسودا.
كلما أرادوا شيئا صنعوا سببا، و ما أسرع أن نستجيب، ثم يطبقون خططهم بكل أريحية، إلى متى يا أمة محمد صلى الله عليه و سلم
أرجو ألا يكون إلى نزول عيسى عليه السلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق