السبت، 19 يناير 2013

أنواط و الإعتقاد



           في المشاركة السابقة ذكرت أن كثيرا من الأمراض كان و مازال كثير من الناس يداوونها بطرق لا علاقة لها بالطب، مثل شعيرة العين، يأخذون شعيرة حقيقية و يضعونها فوق قصيبات ثم يرسلون عليها الدجاج أو يبنونها في طريق الغنم فإذا سقطت برئت التي في عين المريض، و كانت عندنا شجرة (مباركة جدا) حيث كان يُؤتى بالطفل يصيح مثل الديك من السعال و ما إن يُطاف به سبعة أشواط حول الشجرة و يُمرر على عنقه سبعة مرات ببقية خنجر قديمة موضوعة هناك لهذا الغرض حتى ينطلق كأنه نشط من عقال، و شجرة أخرى كانت في الخول خاصة بالأطفال الذين يتأخر المشي عندهم، و شجرة أخرى في سيدي مريم، لا أعرف لماذا هذا الإسم، و لقد سألت كثيرا عن سبب هذه التسمية لكن دون فائدة، و في كل مقبرة هناك شجرة خاصة
بتعليق ثوب من أثواب الميت بعد دفنه، أما هذه فلا أعرف لماذا؟ و أما الأشجار السابقة فالطواف بها طلبا للشفاء و البركة و قد يترك الزائر بعض النقود في مكان خاص في الشجرة يأخذه السادن لنفسه أو يأتي به لكبيرهم، و مسألة الطواف هذه مازالت إلى اليوم حول الأضرحة، و أذكر أننا كنا نأكل تراب قبر الشيخ سيدي بلحاج طلبا للشفاء و البركة و النجاح في الدراسة، و قد يصف بعض الطُلْبة ـ بضم الطاء و سكون اللام ـ لمرضاهم المبيت عند الضريح مع النشرة و هي دجاجة أو ديك بلون يشترطه الطالب ـ المشعوذ ـ تطهى بطريقة خاصة يأكلها المريض...
و كل قبر أو ضريح خاص بنوع معين من الأمراض، فسيدي عباس بجليدة خاص بإخراج الجن من المصابين (غ ضربة)، و أظن أن سيدي بلحاج طب عام و هناك من هو خاص بالثراية يعني الذرية المهم هذا قليل من كثير، و ما خفي أعظم، و كثيرا ما ساعدت الشياطين الناس و قضت حوائجهم لكن بعدما قضت على دينهم و زادتهم رهقا، و كذلك الإعتقاد يلعب دورا كبيرا في هذه الممارسات الشركية، أقصد قولهم "لو اعتقد احدكم في حجر لنفعه" هذه المقولة صحيحة نسبيا لأن المريض إذا وُصف له دواء في مكان ما فإن النفس تستشرفه و تتوق إليه و تبني عليه شفاءها، ألا ترى إلى الضرس يسكت ألمها بمجرد الدخول عند الطبيب، و كذلك كل الأمراض، بل حتى في عيادة المرضى يجب أن نقول للمريض كلاما طيبا و قد تساعده زيارة الذين يحبهم له على الشفاء و كل هذا تركن إليه النفس و تحبه، و أريد أن أسوق بين يدي هذه الإستدلالات هذه القصة أظن أني قرأتها في كتاب الإحياء للغزالي و القصة لامرأة مريضة بالبرص قيل لها لو لمست المسيح لشفيت فلما لمسته شُفيت فقال لها عليه و على نبينا الصلاة و السلام فيما معناه أنا لم أفعل شيء اعتقادك هو الذي شفاك، فقوة الإعتقاد و لو كانت في الباطل فإنها تنفع، لكن ليست العبرة بالشفاء و لا بقضاء الحوائج و لكن العبرة بالوسائل، هل هي مشروعة أم لا ؟فالشبع يحصل بالخروف و بالخنزير، لكن الشارع أحل هذا و حرم الآخر و بين النكاح و السفاح فرق بسيط لكنه عند الله عظيم و هكذا في كثير من الأمثلة لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق