الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

بدع الجنائز



     في الوقت الذي يفتح العلم الديني أبوابه على مصراعيه لمن أراد أن ينهل، يقف عندنا الزمن على الساعة منتصف الليل في ليلة باردة من ليالي الشتاء الطويلة المظلمة، ففصول البدع لا تكاد تنتهي من باب من أبواب الدين حتى تفرض نفسها في ميدان آخر فلا تترك منه إلا اسمه بعد أن تفرغه من مضمونه.
     ومن ذلك الجنائز، فبالرغم من أن العلماء فصلوا هذا الموضوع تفصيلا و لم يتركوا شاردة و لا واردة إلا أفتوا فيها بما يوافق الشرع، إلا أن الأئمة عندنا نبذوا كثيرا من الأحكام وراء ظهورهم و اتبعوا ما تمليه عليهم أهواءهم ليشتروا به ثمنا قليلا أو بلا ثمن...
1.   المفروض أن يصلى على الجنائز في المسجد العتيق، و المسجد العتيق عندنا في بلدية عريب هو مسجد القرية الإشتراكية بعدما أغلق مسجد الزاوية أول مسجد في بلدية عريب، و آخر جنائز حضرتها مر بها أهلها أمام مسجد القرية و ذهبوا بها إلى مسجد السوق ظنا منهم أن العتاقة تنتقل مع الأشخاص، و هذا خطأ، لأن المفروض كل المناسبات سواء الدينية أو الدنيوية إنما تقام في المسجد العتيق لفضله على باقي المسجد.
2.   ثم لماذا انتظار أوقات الصلوات النهارية فقط للدفن و قليلا جدا ما يتم الدفن صباحا أما في الليل فمستحيل، و قد دفن النبي صلى الله عليه و سلم في كل الأوقات.
3.   و الإسراع في الدفن سنة، و الإنتظار إلى أن يأتي وقت الصلاة أو إلى أن يحضر بعض الغائبين من الأقارب مخالف للسنة.
4.   المشي أمام الجنازة أو خلفها مسألة خلافية، لكن إنشاد البردة أمام الجنازة بصوت مرتفع بدعة ضلالة ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب الصمت في ثلاث : عند تلاوة القرآن وعند الزحف وعند الجنائز"
5.   و يكفي ثلاثة صفوف لإقامة صلاة الجنازة، و أما انتظار الناس و التنسيق بين المساجد حتى يحظر أكبر عدد ممكن كل هذا ليس من السنة.
6.   لما تستوي الصفوف يقول الإمام للناس هذه المقولة التي اشتهرت عندنا "الذي لا يحفظ الدعاء يقول الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله اللهم اغفر له و ارحمه بعد كل تكبيرة" لا أعرف من أين جاءوا بها، المفروض أن يعلموا الناس دينهم و يأمرونهم بحفظ الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم.
7.   كذلك قبل أن يصلي إمام المسجد على الميت يجب أن يسأل هل أوصى الميت بمن يصلي عليه ؟
8.   كذلك بالنسبة للقبر، قال صلى الله عليه وسلم : "اللحد لنا والشق لغيرنا " واللحد هو أن يُحفر للميت في قاع القبر حفرة من جهة القبلة يوضع فيه.
9.   بناء القبر أو الكتابة عليه بأنه قبر المرحوم فلان، و ما أدراك بأنه مرحوم، أو الجلوس عليه أو الاتكاء عليه كلها بدع نهى عنها النبي صلى الله عليه و سلم.
10.                     بعد الدفن أين لقيت صاحب الميت فأدي إليه واجب التعزية، و هذا الذي يفعلونه عندنا يقف أصحاب الميت صفا واحدا ثم يمر عليهم الناس يعزونهم بطريقة غريبة جدا، الكل يقول عظم الله أجركم مرة واحدة و الله أعلم بماذا يرد عليهم أصحاب الميت، و قد يوجد في الصف الأب و إبنه يعزيه و العكس، و يوجد في الصف أيضا من ليس بحزين أصلا على هذا الميت لأنه قرابة بعيدة مثلا، المهم هذه الطريقة في التعزية العقل يرفضها فضلا عن الشرع، و الذي اجتهد و جاء للناس بهذه الطريقة قد أفرغ مفهوم التعزية من محتواه.
11.                     بعد أربعة أيام تقام وليمة صدقة على الميت يجتمع فيها الطلبة ـ بضم الطاء و سكون اللام ـ و هم حملة كتاب الله فيقرؤون القرآن على الميت بالأجرة و هو السحت بعينه و يحضر صاحب المأتم ما لذ و طاب من المأكولات فتصبح المصيبة مصيبتان بل مصائب لأن بعد الأربعة أيام هناك السبعة أيام ثم الأربعين ثم العام في كل هذه المواعيد وليمة على الميت، وويل للذي لا يفعل هذا من الناس.
      المهم مخالفات بالجملة جرّت على الناس كثيرا من العناء كانوا في غنى عنها لو التزموا بهدي النبي صلى الله عليه و سلم، و لكن من يعلمهم هدي النبي صلى الله عليه و سلم إذا كان حاميها حراميها، الأئمة هم يشجعون الناس على هذه البدع التي استشرت في المجتمع حتى أصبحت من المسلمات ليأكلوا بها ثمنا قليلا.

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف14/8/14 15:08

    ليس لي إلا أن أقول : أسمعت لو ناديت حيا .......
    فأنصاف الأئمة عندنا كلهم حذامِ .....إذا قالت حذامِ فصدقوها فإن القول ما قالت حذامِ
    واصل أخي رابح جزاك الله خيرا

    ردحذف