السبت، 12 أكتوبر 2013

ليس للعرب ما يخسرونه


ليس للدول العربية اليوم ما تخسره أمام تجبر أمريكا و تسلط أوربا، فلا عزة للشعوب المغلوبة على أمرها، و لا كرامة للحكام الذين يتداولون على نهب الثروات و تقديمها غنيمة باردة لمن كانوا بالأمس القريب يأخذونها بالإستعمار و السلاح ـ على الأقل كانوا يتعبون ـ فأصبحت اليوم تاتيهم في ديارهم و أصحابها صاغرون.
أو بأسلوب آخر، كانت الشعوب لها عدو يتفق الجميع على حربه، أما الحالة التي يمر بها العرب اليوم فلا أظن أن ابن خلدون يستطيع أن يدرجها تحت أي باب من أبواب مقدمته، فلا تنطبق عليها القواعد التي يقوم عليها علم الإجتماع، بل يجب على العلماء تطوير هذا العلم حتى يتماشى مع تخلف العرب.
لأنها فتنة ساوت بين فريقين.
ليس من حيث الكم و لكن من حيث النوع.
فالذين يرون أن التقدم و الإزدهار يكمن في تقليد الشرق و الغرب و الإبتعاد عن ما بقي من ثوابت الأمة، بالرغم من أنهم قلة، لكن قوتهم تكمن في تمكنهم من أسباب القوة و التفوق حتى كأن الفريق الآخر من الفتنة قطيع لا يملك من أمر نفسه إلا الشجب و التنديد في أحسن أحواله.
هذه الفئة القليلة بعددها و الكثيرة بوسائلها ومن ورائها العالم، تعمل اليوم على ترسيخ مبادئها في مراحل حياة الناس من الإبتدائي، و هكذا يفعل كل من غلب على أمر الناس، و هذه هي سنة الحياة، و لقد نجحت إلى حد بعيد، و اصبحت لها قاعدة شعبية تقول بقولها فلا تكذب، و كل من يخالفها متطرف متعصب متشدد و متخلف.
ليس للفريقين اليوم ما يخسرونه لأنهم لا يستطيعون التنازل عن أكثر من ذلك و لو أرادوا، فكل أمورهم اليوم في الحضيض الذي ليس بعده شيء، أما الفئة التي مازالت متمسكة بما تيسر من الثوابت، يستحيل أن تنجح معها عملية المسخ التي طالت الأغلبية الساحقة جدا من المحسوبين على العرب، و من هذه الفئة و بها تكون عملية النهوض التي بدأت ملامحها تتبلور منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي الذي لم يزهر بعد، تماما مثل عجب الذنب الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه يركب منه الإنسان يوم القيامة، فهذه الفئة ستركب منها الحضارة بعد حين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق